«فطيرة باللبن».. قصة قصيرة للكاتبة إيمان العطيفي

«فطيرة باللبن» قصة قصيرة للكاتبة إيمان العطيفي
«فطيرة باللبن» قصة قصيرة للكاتبة إيمان العطيفي

«فطيرة باللبن» قصة قصيرة للكاتبة إيمان العطيفي

 

أحياناَ نخطىءُ الأختيار، وأحايناَ كثيرة تخطئُنا الاختيارات.

هو لا يشبهني، لا اتفق معه فى صفات كثيرة، ويتفق معي فى كل الصفات.

هو فاشلُ بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف. لا يُجيد أشياء كثيرة، لا يجيد التجمل، لا يجيد المواراة، لا يجيد الكذب حتى وإن كان لصالحي، لإرضائى، لإصلاح ما تكسر بيننا.

هو لا يشبهني، يريد أن يكون كتابا مفتوحآ أقرأ فيه كل ماسبق، فأحذفه، فأخط فيه ماشئتُ، من قال أنى أحبه كتاباَ ؟ مفتوحا كان أو مغلقاَ؟

يريد أن يضمد جراحي، ولكنه طبيب فاشل دائما ما ينبش الجرحَ أثناء التضميد، فيؤذينى ليعود معتذراَ.

يريد أن يعلمنى كيف أكون جسورة، لا أخاف أحداَ، أواجهُ المجتمع بقلب ميت، منذ الأزل وأنا المهزومة الوحيدة بين البشرية، الكل يستغل طيبتى أسوء استغلال، مضحوك علي من الجميع بكل سهولة، سقوطى هو أفضل ما جنيت فى حياتى، ولكنه فاشل جدااااا، ففى درس الفروسية هذا، يبوح لى بأسراره القديمة، وكيف كان الدنجوان الذى ضحك على جميع النساء، لا يشعرني هذا بأنني سيدة النساء، التي أحبها وأسرته من العالم، أحس بغثيان شديد وهو يروي مغامراته، يريدني أن أتعلم من أخطائهن، وأن أنتبه لسبل الغواية الذكورية التى طالما أوقعت الكثيرات، يعتقد انه يحميني منهم، يقوينى، يلقنني دروس الحياة.

ولكنه فاشل، حديثه لا يثمر إلا إحساس بالقرف منه ومن ذكرياته ( الطرية مثل الملبن) قالها.

أنا لا أحبه، لا أشتاقه، لا أهاب الليل، البيت، الزوايا، مرايا الحائط، الشراشف، برد الليل بدونه.

أنا لا أجول البيت خمسين ألف مرة فى اليوم بحثاَ عن عقب سجارة أهمله مرمياَ فى مكان ما.

لعلى إن وضعته بين شفتي ذكرنى به.

أنا لا أراه رائحاَ غادياَ فى كل شبر من البيت، حذائه المرمى بالصالة، طالما نهرته عليه، مهملُ جداااا

أنا لا أسمع الكنبة تتحدث عنه إلى الطاولة، محتارة لغيابه، تشعر بالبرد بدونه.

أنا لا أسمع التلفاز ينهرني ويسب جلستى أمامه وحدى، وكيف أنى أجلس بعيدة عن حضنه، وكيف تغمض عيناي أمامه متكأةُ رأسي إلى الخلف، لا إلى صدره.

أنا لا أشعر بالبطانية حين تتسلل من فوق جسدي ليلا متمنية لى لطشة برد لا علاج لها إلاه.

أنا لا أحبه أخبرتكم من قبل، ومصرة على كل حرف.

هذا الفاشل، الفاشل جداا، الفاشل جدااااا،جداااااا

دق جرس الهاتف من بعيد، هرولت إليه، تعثرت قدمي فى السجادة، كدت أسقط لولا أن تلقفتنى المنضدة بود، رأيت صورته على شاشة الفون، رددت بشغف أوقف دقات قلبي،

الووووو

الوووو

الووووو

لم ينطق حرفا واحدا، أعرف أنه جد مهزوم فى حبي، أعرف أنه أراد فقط أن يسمع صوتي ويغلق دون أي كلمة.

حقه، كنت المخطئة الوحيدة، أعرف أن رجولته تنهره لما أقدم عليه، وأنه سرعان ما سيغلق الهاتف.

انتفض صوتي بلهفة وشغف وبسرعة فاجئته قبل أن يغلق السكة.

- تعال إتعشى معايا، أنا من إمبارح ماكلتش.

لم يجب، ولم يغلق الفون.

- انت عارف هعشيك إيه؟

-.........

أنا عملالك فطير ة باللبن والسكر.!!!

- بجد؟

-والله العظيم، أنا عارفاك بتحبها

صمت

سالت دمعة على خدى، لمست كتفي  يد أعرفها جيدااااا.

هذا الفاشل جدااااا،جداااااا

هاتفني من أمام الباب.